مباشر
رسوم ترامب الجمركية تهدد صناعة السيارات البريطانية: فرص ومخاطر

رسوم ترامب الجمركية تهدد صناعة السيارات البريطانية: فرص ومخاطر

قبل 6 أيام

مشاركة:


طرنك أوتو – تشهد صناعة السيارات البريطانية مرحلة جديدة من التحديات، مع فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية واسعة النطاق على واردات الفولاذ والألمنيوم والمركبات، مما يهدد الصادرات البريطانية ويقلب سلاسل الإمداد العالمية رأسًا على عقب.

وتأتي الرسوم الجمركية، التي تبلغ نسبتها 25%، في وقت حرج بالنسبة للصناعة البريطانية، التي تعاني بالفعل من تداعيات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والتحول المتسارع نحو السيارات الكهربائية، وانخفاض الإنتاج المحلي.


أهمية السوق الأميركية لصادرات السيارات البريطانية

ويعتمد قطاع السيارات البريطاني بشكل كبير على الأسواق الخارجية، إذ صدّرت المملكة المتحدة خلال عام 2024 نحو 101 ألف سيارة إلى الولايات المتحدة، ما يمثل حوالي 17% من إجمالي صادرات السيارات البريطانية، بعائدات بلغت نحو 7.6 مليار جنيه إسترليني (نحو 10.1 مليار دولار)، وفقًا لبيانات جمعية مصنعي وتجار السيارات البريطانية. ومع فرض الرسوم الجديدة، أصبح أحد أهم الأسواق الحيوية لصناعة السيارات البريطانية مهددًا بالإغلاق.

لطالما تمتعت بريطانيا بسمعة مرموقة في تصنيع السيارات الأيقونية والمبتكرة، إلا أن هذه السمعة تواجه الآن ضغوطًا متزايدة. وبينما يرى البعض أن الأزمة الحالية قد تطلق شرارة موجة جديدة من الابتكار وإعادة هيكلة سلاسل الإمداد، يخشى آخرون أن تعمّق الأزمة من التحديات التي تواجه القطاع.

فرص كامنة وسط الأزمة

يعتقد المتفائلون أن هذه الأزمة قد تمثل فرصة لتعزيز القدرات التصنيعية المحلية، وتسريع الاستثمار في تقنيات السيارات الكهربائية والذاتية القيادة، مما قد يسهم في تعزيز تنافسية العلامات التجارية البريطانية على المستوى العالمي. في المقابل، لجأت بعض الشركات إلى اتخاذ خطوات دفاعية، إذ قررت "جاكوار لاند روفر" تعليق شحناتها إلى الولايات المتحدة، في مؤشر على حجم حالة عدم اليقين، بينما سارعت شركات أوروبية مثل "مرسيدس-بنز" و"فولفو" إلى توسيع قدراتها التصنيعية داخل الأراضي الأميركية لتجنب الرسوم، رغم استمرار اعتمادها على المكونات المستوردة.

أزمات متراكمة تهدد الصناعة

ورغم التحديات الآنية، فإن الأزمة تكشف أيضًا عن مشاكل أعمق يعاني منها القطاع. فقد انخفض الإنتاج المحلي للسيارات في بريطانيا إلى نحو 770 ألف وحدة سنويًا، أي أقل من نصف مستوياته في نهاية العقد الماضي، مما يشير إلى تراجع مكانة المملكة المتحدة في سوق السيارات العالمي.

وتفاقم الوضع بفعل السياسات التجارية الأميركية المتقلبة، مما يزيد من حالة الضبابية حول مستقبل الرسوم الجمركية ومدتها. وهو ما يشكل تهديدًا استراتيجيًا لصناعة تعتمد بشدة على الأسواق الدولية، وخاصة السوق الأميركية.


الطريق إلى التعافي: فرص وتحديات

مع ذلك، يرى خبراء الصناعة أن هناك فرصًا كامنة لأولئك القادرين على التكيف سريعًا. فإذا أعادت الشركات الأوروبية والصينية النظر في استراتيجياتها العالمية، فقد تبرز بريطانيا كوجهة جاذبة للاستثمار والشراكات التقنية. كما أن تعزيز سلاسل الإمداد المحلية، وتسريع الابتكار في قطاع السيارات الكهربائية، والانفتاح على أسواق جديدة خارج أوروبا، قد يمنح الشركات البريطانية دفعة تنافسية قوية — شريطة أن يتم التحرك بشكل سريع واستراتيجي.

مفترق طرق حاسم

وفي ظل هذه التطورات، تبدو الأشهر المقبلة حاسمة لمستقبل صناعة السيارات البريطانية، التي تقف اليوم عند مفترق طرق خطير. فإما أن تنجح الصناعة في تحويل الأزمة إلى فرصة لإعادة بناء قطاع أكثر مرونة وتنافسية عالميًا، أو تخاطر بمزيد من الانحدار وفقدان موقعها على الساحة الدولية.


معرض الصور